كان ((أبو جعفر المنصور)) أيام حكم ((بني أمية))إذا ما دخل البصرة دخل
مستترا فكان يجلس في حلقة ((أزهر السمان)) المحدث, فلما تولى الخلافة قدم عليه ((أزهر)) فرحب به و سأله عن حاجته فقال : داري
متهدمة ,وعلي أربعة آلاف درهم , وأريد أن أبني بيتي. فأمر باعطائه اثنى عشر ألفا وقال :قضينا حاجتك يا أزهر , فلا تأتنا طالبا.
و بعد سنة عاد (( أزهر)) فقال له ((أبو جعفر)): ما جاء بك
قال : جئت مسلّما". قال له : ظننا أنك جئت طالبا , وأمر له با ثنى عشر
ألفا , وقال له : اذهب فلا تأتنا طالبا ولا مسلّما".
و بعد سنة عاد (( أزهر)) , فقال له : ما الذي جاء بك أجئت طالبا؟
فقال : لا , ولكنني جئت عائدا . قال أمرنا لك با ثنى عشر ألفا واذهب فلا
تأتنا لا طلبا ولا مسلّما ولا عائدا .
وبعد عام عاد فاغتاظ (( أبو جعفر)) غيظا ملك نفسه وشعر أنه
أمام رجل لا يفله الحديد , وعاجله قائلا : ما الذي جاء بك يا رجل؟
قال : دعاء كنت أسمعك تدعو به يا أمير المؤمنين , جئت لأكتبه.
ضحك (( أبو جعفر )) وقال : انه دعاء غير مستجاب, وذلك أني دعوت
الله به الا أراك فلم يستجيب لي , وهاأنت تجيء , وقد أمرنا لك با ثنى
عشر ألفا وأقبل متى شئت وفي أي وقت , وفي الموسم , وفي الأعياد
فقد أعيتني فيك الحيلة.